الهروب من القدس إلى الأيديولوجيا
كنّا حينها نزور جدّي في مستشفى داخل القدس، لم أكن أتجاوز الخامسة حين أبهرتني الحشائش الخضراء والمساحات الواسعة، والمصعد الكهربائيّ الّذي اعتقدت وقتها أنّه يسافر بنا من مكان إلى آخر.
كنّا حينها نزور جدّي في مستشفى داخل القدس، لم أكن أتجاوز الخامسة حين أبهرتني الحشائش الخضراء والمساحات الواسعة، والمصعد الكهربائيّ الّذي اعتقدت وقتها أنّه يسافر بنا من مكان إلى آخر. اشترينا كعك السمسم، الّذي تشتهر به القدس، وكان جدّي يعمل في أحد الفنادق مثل الآلاف من قطاع غزّة، وقد بدأ يعاني من مرض القلب الّذي أودى بحياته بعد 23 عاماً، وكنت أسأله يومها عن كلّ شيء اعتبرته غريباً عن طفولتي في المخيّم: "ليش يا سيدي هديك بشعرها؟"، فردّ "هذه يهوديّة يا سيدي"، "ليش في شجر كثير هين يا سيدي؟"، "هاي حديقة المستشفى لزيارة المرضى".
كان الجميع مشغولاً بوضع جدّي الصحيّ وتعب قلبه، ورغم ذلك لم ينسَ أحد هذه الطفلة، فيردّون على أسئلتها، ثمّ يسحبونها من يدها، إنّه الحبّ على طريقة المخيّم، قسوتهم الحنون.