هل يتّخذ المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، موقفاً مزدوجاً في تعامله مع الملفات السياسيّة العراقيّة؟ هل يعلن شيئاً ويخفي شيئاً آخر؟ وما هي حقيقة موقفه من الانتخابات العراقيّة التي أجريت الشهر الماضي [30 نيسان/أبريل 2014]؟ هل كان حيادياً بقدر ما تتطلبه الديمقراطيّة المدنيّة التي ما زال يطالب بها أو هو انحاز إلى جهة ضدّ أخرى مناقضاً مبادءه الديمقراطيّة المعلنة؟ تلك أسئلة تحتلّ في هذه الأيام صدارة المشهد السياسي العراقي، ويتمّ تداولها في الصالونات السياسيّة وبعض وسائل الإعلام، سراً وعلناً.
للحصول على إجابات موضوعيّة لهذه الأسئلة، يجب الرجوع إلى السياق التاريخي لموقف السيستاني الثابت من العمليّة السياسيّة العراقيّة منذ العام 2003 ولغاية اليوم. يفهو في الأساس لم يعلن أي موقف سياسي منحازاً لجهة محدّدة، بل اكتفى بالمطالبة بتحكيم إرادة الشعب عبر الآليات الديمقراطيّة وبالدعوة إلى المشاركة الفعالة والواعية في الانتخابات من دون أن يعلن أي موقف. لكن الجهات السياسيّة المعارضة للعمليّة الديمقراطيّة في البلد تستغلّ بين حين وآخر فلسفة السيستاني في العمل الهادئ والتعامل الحكيم مع الوضع العراقي الحساس.