لم يشهد الاقتصاد اللبناني وعلى الرغم مما مرّ به البلد الصغير من أزمات في خلال العقود الثلاثة الماضية، تراجعاً اقتصادياً كالذي يعانيه اليوم. فبالإضافة إلى تراكم كلفة استشراء الفساد وغياب الإصلاح في الإدارات العامة والمؤسسات وتنامي الدين العام، جاءت السنوات الثلاث الأخيرة لتعمّق آثار أزمة اقتصاديّة لم يشهد لها مثيل.
فمنذ تشكّل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي وصفت بحكومة اللون الواحد، في العام 2011، والأمور على المستوى الاقتصادي إلى تراجع. ولعلّ أكثر المؤشرات دلالة على خطورة الوضع الاقتصادي وعجز الحكومة عن الإحاطة بها، هو تلازم تنامي عجز الخزينة مع تراجع مقلق للنموّ الذي بلغ حدّ الركود الاقتصادي. فوفق التقرير الصادر عن معهد التمويل الدولي في تاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2014، تراجع النمو من 8.0% في العام 2010 إلى 2.0% في العام 2011 ثم بلغ 1.2% في العام 2012 ليصل إلى 0.9% في العام 2013. وذلك، في حين أن عجز الخرينة ارتفع من 5.5% من الناتج المحلي لعام 2010 إلى 5.9% في العام 2011 ثم بلغ 9.3% في العام 2102 ليصل في العام 2013 حدّ 11.2%. وما من أحد يجهل مدى خطورة تلازم نموّ عجز الخزينة وتراجع النموّ الاقتصادي، بخاصة لبلد مثقل بالديون كلبنان. وهنا أيضاً تجدر الإشارة إلى أنه وبعد ضبط نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي في خلال السنوات الماضية وضمن معدّل 135%، عادت وارتفعت هذه النسبة إلى 144% في العام 2013 وذلك على الرغم من تدنّي أسعار الفائدة في الأسواق العالميّة.