وفجأة عاد الحراك إلى مسار تأليف الحكومة اللبنانيّة مثيراً شيئاً من التفاؤل ولو بحذر حول إمكانيّة عودة انتظام الحياة الدستوريّة في البلد الصغير. ولعلّ أبرز ما يُسأل عن أسباب هذا الحراك المستجدّ، هل تبدّلت موازين القوى على الساحة الإقليميّة، فانعكس ذلك إيجاباً على الفرقاء اللبنانيّين واستفاقوا من غفوة ضميرهم وشرعوا يظهرون الحرص على تلافي الفراغ في المؤسسات وتخطي الجمود والانكباب على شؤون البلاد والعباد؟ أم ثمّة استحقاقات داهمة على المستوى الدولي والإقليمي تحتّم الاحتماء خلف واجهة الدولة اللبنانيّة ومؤسساتها الشرعيّة، والتلطّي وراء قميص عثمان اسمه الشراكة الوطنيّة أو ما أضحى مرادفاً له: الميثاقيّة؟ عنوان يبرزه هذا أو ذاك كلّ ما حادت الأمور عن مصالحه. عنوان أصبح مرادفاً للتعطيل لا بل للانقلاب على الجمهوريّة.
كان مسار التشكيل يصطدم بتصلب الفريقَين المعنيَّين بتشكيل حكومة جامعة. 14 آذار تصرّ على حكومة حياديّة إذا ما تعذّر انسحاب حزب الله من الحرب الدائرة في سوريا ومساندته للنظام، أما حزب الله فبقي مصراً على الثلث المعطل الذي يمنحه قدرة تعطيليّة لأي قرار حكومي وكذلك على تضمين البيان الوزاري ثلاثيّة "الجيش-الشعب-المقاومة" التي تشرّع مقاومته وتبعد عن النقاش مسألة السلاح التي كانت وما زالت أمّ العقد منذ انتهاء عهد الوصايّة السوريّة في العام 2005.