أكثر من شهر مرّ على بدء اعتصام "رابعة العدويّة" الذي يقيمه أنصار الرئيس الإخواني المعزول محمّد مرسي. وعلى الرغم من نجاح الإخوان في استعادة صورة الضحيّة أمام الرأي العام العالمي، وتغذية الإعلام الغربي بفيروس نظريّة المؤامرة كتفسير للحركة الشعبيّة التي أطاحت بمرسي وأنهت حكم الإخوان، وهي الحرف التي أتقنوها على مدى عقود طويلة، إلا أن قيادات الإخوان بدأت تدرك أنها تخوض معركة خاسرة، ولا بدّ لهم من اللجوء إلى مهارة إخوانيّة أخرى عرفوا بها وهي القدرة على إبرام الصفقات، وذلك للخروج من هذا المأزق المصيري بأقل خسائر ممكنة ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في مصر والعالم. وفي الوقت ذاته تخفي القيادات نفسها إحباطها من الهزيمة عن مؤيّديها، وترفع معنوياتهم وتمدّهم بشحنات عاطفيّة ملتهبة، لضمان استمرار الاعتصامات والمسيرات والتنغيص على السلطة الجديدة وتكدير حياة أهل البلاد، من أجل تحسين الموقف التفاوضي في الصفقة المأمولة.
في الريف المصري، تتّشح النساء بالسواد عموماً. واللون الأسود هو المناسب حتماً للذهاب إلى واجب العزاء في فقيد راحل، ولو كان الفقيد صغير السن لربما ساهمت الضيفة في البكاء والعويل كنوع من المجاملة.