يؤكد المسؤول السوري الرفيع المستوى أن سلطاته منفتحة على كل المبادرات الحوارية التي تطرح لحل الأزمة السورية. خصوصاً أن موسكو لا تنفك تنصح دمشق بذلك. إذ لا يتوقف المسؤولون الروس عن التكرار لنظرائهم السوريين أن تجاوبهم مع المبادرات الدولية ضروري لأسباب ثلاثة: أولاً لتحسين صورة النظام السوري في الخارج، ثانياً لمساعدة حلفائه على الوقوف إلى جانبه، وثالثاً لأن المعارضة السورية المسلحة باتت في موقع لا يسمح لها بالتجاوب مع أي مبادرة. وبالتالي فالمعارضون سيجدون أنفسهم محرجين ومحشورين أمام كل مسعى للحل. وهو ما سيدفعهم إلى مأزق من نوع: إما القبول بالتسوية وبالتالي خسارة شعاراتهم المعلنة برحيل النظام وشرذمة صفوفهم أكثر فأكثر، وإما الرفض وبالتالي خسارة النقاط دبلوماسياً لصالح النظام. رغم إدراك جدوى هذه السياسة، يقول المسؤول السوري خلال زيارته الخاطفة إلى بيروت، يظل هناك اعتباران أساسيان يحددان كيفية التعاطي مع تلك المبادرات الحوارية.
الاعتبار الأول يتعلق بما يسميه النظام السوري مسائل سيادية. فعلى سبيل المثال، يؤكد المسؤول نفسه، حين تحدد المعارضة مسؤولاً سورياً بعينه على أنه محاور مقبول من جهتها، فهذا يعني أنها تنسف الحوار قبل أن يبدأ. لا بل هذا يؤكد نيتها في عدم الوصول إلى حوار. والواضح أن المسؤول السوري يقصد هنا ما أعلنه رئيس الائتلاف المعارض الشيخ أحمد معاذ الخطيب من تزكية المعارضة لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع محاوراً مقبولاً منها لبدء عملية تفاوض مع الحكم في دمشق. إذ يسارع المسؤول السوري إلى الجزم بأن "هذا لا يمكن أن يحصل، ولا يمكن إطلاقاً ان نوافق على أي شروط مسبقة في أي عملية تفاوض". خصوصاً أن هذه المسألة محسومة بالنسبة إلى النظام منذ تشكيل الحكومة الحالية في دمشق. حتى أن سلف الابراهيمي، المبعوث الأممي السابق كوفي أنان في لقائه الأخير مع الأسد في 8 تموز الماضي، طرح على الرئيس السوري فكرة حوار بين طرفي الصراع، وتسمية ممثل له فيه. فبادر الأسد يومها إلى إبلاغ أنان أن في الحكومة السورية وزيراً مخصصاً لهذه المهمة، هو وزير الحوار الوطني، علي حيدر. وهو من وجهة نظر حزب البعث، من المعارضة الداخلية، كونه رئيس أحد أجنحة الحزب السوري القومي الاجتماعي. وهي المعارضة التي قبلت المشاركة في الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب السوري في 7 ايار الماضي، والتي على اساسها قبلت الدخول في الحكومة السورية الحالية. وتؤكد المعلومات أن أنان حاول يومها التشكيك بقدرة الوزير حيدر على تأدية هذه المهمة، فأجابه الأسد أن حيدر قادر بالكامل على تمثيل الحكومة، وعلى تمثيل الرئيس السوري شخصياً. نظراً إلى العلاقة بينهما، منذ ترافقا على مقاعد دراسة التخصص الطبي في جراحة العين مطلع التسعينات.