لبنان هو بلد الحسابات التي لم تتم تصفيتها بعد. في كل مرة أزور ذلك البلد، ألمس وأشعر على الدوام بالإرث الشديد الوطأة لحربه الأهلية التي استمرت 15 عاماً، على الرغم من انقضاء سنوات طويلة على انتهائها في العام 1990. ماذا أجد في سوريا المجاورة، في الوقت الذي يبدو فيه أن حربها الأهلية المستمرة منذ ستة أعوام تقريباً، تضع أوزارها؟
في 28 كانون الأول/ديسمبر، فيما كانت السيارة التي تقلّني تعبر الطريق المؤدّي من بيروت إلى سلسلة جبال لبنان الشرقية باتجاه دمشق، أصبح الطقس بارداً جداً. قلت هامساً وأنا أنظر إلى زحمة السير الخانقة: "إذا كان هذا العدد الكبير من الشاحنات يتّجه إلى سوريا، فلا بد من أن الأمور تغيّرت كثيراً". فأجابني السائق: "لا، لم تتغيّر"، مشيراً إلى أن معظم الآليات تتّجه إلى بلدة شتورة اللبنانية المجاورة. بالفعل، بعد عبور شتورة، أصبحت الطرقات شبه خالية، على الرغم من أن المناطق الحربية بعيدة عنها.