تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ارتياح وخسارة: انقسام فلسطيني في غزة بسبب مقتل يحيى السنوار

أثار مقتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار ردود فعل متضاربة بين الفلسطينيين في قطاع غزة.

Rasha Abou Jalal
أكتوبر 19, 2024
MAHMUD HAMS/AFP via Getty Images
فتيات فلسطينيات يمرن أمام جدارية مؤيدة لحماس ورسوم جرافيتي تصور الزعيم الروحي لحماس الشيخ أحمد ياسين في مدينة غزة في 9 مارس 2021. — محمود هامس/وكالة الصحافة الفرنسية عبر صور جيتي

دير البلح، قطاع غزة - أثار مقتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار على يد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة ردود فعل متضاربة بين الفلسطينيين. ففي حين يعتقد البعض أن مقتله قد يمهد الطريق لإنهاء الحرب وإحلال الهدوء في غزة، يشعر آخرون بالحزن العميق لفقدان زعيم يعتبرونه بطلاً فلسطينياً حارب الاحتلال الإسرائيلي حتى النهاية.

واتهمت إسرائيل السنوار بأنه مهندس ما يسمى بعملية "طوفان الأقصى"، والتي اقتحم فيها آلاف من أعضاء حماس المستوطنات في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 1200 إسرائيلي واحتجاز أكثر من 240 آخرين كرهائن.

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في مؤتمر صحفي اليوم الخميس، إن جنديا من اللواء 828 حدد هوية ثلاثة من نشطاء حماس وقتلهم في اشتباك ناري بالقرب من رفح جنوب قطاع غزة.

وأضاف أنه "بعد الانتهاء من عملية التعرف على الجثة يمكن التأكيد على أنه تم القضاء على يحيى السنوار".

وأكدت حماس، الجمعة، مقتل السنوار. وقال خليل الحية، القيادي البارز في حماس، في كلمة متلفزة: "اغتيال السنوار وكل قادتنا لن يزيد حماس ومقاومتنا إلا قوة وإصرارا على مواصلة الطريق والوفاء بدمائهم وتضحياتهم".

وأكد هيا أن حماس لن تعيد الأسرى الإسرائيليين إلى إسرائيل إلا بعد انتهاء الحرب على غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال.

وقال القيادي في حركة حماس باسم نعيم في تصريح صحفي الجمعة إن وفاة السنوار "مؤلمة ومحزنة ولكن الحركة ستنتصر في النهاية".

وأضاف نعيم "يبدو أن إسرائيل تعتقد أن قتل قادتنا سينهي حركتنا ونضال الشعب الفلسطيني، يمكنهم أن يعتقدوا ما يريدون، وهذه ليست المرة الأولى التي يقولون فيها ذلك".

وأكد أن حماس "تزداد قوة وشعبية" مع كل اغتيال لقادتها السابقين .

الراحة والفخر

أبدى مهند الريس، النازح من مدينة غزة إلى مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، سعادته بمقتل السنوار، وقال لـ"المونيتور": "لا أستطيع أن أخفي غضبي على يحيى السنوار بسبب ويلات الحرب التي جلبها علينا".

وأضاف "منذ بداية الحرب ونحن ندفع الثمن، أطفالنا يموتون وبيوتنا تدمر وحياتنا أصبحت كابوسا يوميا في الخيام، صحيح أن السنوار وجه ضربات مؤلمة للاحتلال الإسرائيلي، لكن قراراته المتطرفة جلبت لنا المزيد من الألم والدمار".

وقال "نحن عالقون في هذه الحرب التي لا نهاية لها في الأفق، وعندما تتفاقم الأمور يكون ذلك بسبب القادة الذين لا يفكرون في مستقبلنا أو مصير الأجيال القادمة".

ويعتقد بعض سكان غزة أن السنوار مات بطلاً على أرض المعركة.

وقالت حبيبة رضوان من خانيونس جنوب قطاع غزة لـ"المونيتور": "كنا نظن أن السنوار مختبئ في الأنفاق ولم نهتم بحالنا، لكن استشهاده في القتال خلق تعاطفاً كبيراً معه بين الناس".

وأعربت رضوان، التي فقدت ثلاثة من أبنائها في غارة جوية إسرائيلية في أبريل/نيسان، عن أملها في أن يمثل موت السنوار نهاية الحرب. وقالت: "انتقمت إسرائيل منه، فماذا تبقى الآن؟".

وقال أبو طلال قشطة (72 عاما): "استشهد السنوار في أخطر مكان، في حي تل السلطان في رفح ، الذي تم إخلاؤه قبل أكثر من خمسة أشهر، ولم يكن في الأنفاق أو بين النازحين، بل كان في ساحة المعركة، فوق الأرض، يقاتل مع جنود الاحتلال".

وقال قشطة "لقد أصبح هذا الرجل أيقونة للنضال الفلسطيني بموته، ولو مات مختبئاً في نفق لما نال أي تعاطف".

هل يؤدي مقتل السنوار إلى نهاية الحرب؟

وبحسب مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، فإن اغتيال السنوار لا يعني انتهاء المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي.

وقال البرغوثي لـ"المونيتور": "الحدث الذي أحدثه السنوار في 7 أكتوبر لم يكن بداية الصراع، لأن بداية هذا الصراع تعود إلى عام 1948، عندما أقيمت دولة إسرائيل على أنقاض القرى والمدن الفلسطينية التي طرد منها الفلسطينيون وما زالوا يطردون منها حتى يومنا هذا".

ووصف إلقاء اللوم على السنوار في الحرب بأنه "إلقاء اللوم على الضحية"، قائلا: "لو انتهى الاحتلال الإسرائيلي قبل ذلك لما كان هناك [قادة] مثل السنوار أو [جماعات مقاومة] مثل حماس".

وأضاف البرغوثي "يجب النظر إلى السابع من أكتوبر على أنه نتيجة وليس سببا، فهو نتيجة للقمع والاضطهاد والتطهير العرقي والاحتلال والاستيطان والقتل الذي تعرض له الفلسطينيون على مدى عقود من الزمن".

لكن أستاذ الإعلام في جامعة القدس أحمد رفيق عوض له رأي آخر، حيث قال: "تلقت حماس ضربة مؤلمة باستشهاد زعيمها يحيى السنوار والعديد من قادتها السابقين، ومنهم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري".

وفي حديثه لـ"المونيتور"، أوضح عواد أن هذه الضربات تؤدي إلى قطع سلسلة التواصل بين القيادة والمؤسستين التنفيذية في حركة حماس، وتؤثر على قدرة الحركة على اتخاذ القرار.

ويرى أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة للغاية على حماس، "لذلك عليها أن تظهر مرونة أكبر في أي مفاوضات مقبلة لوقف إطلاق النار، وإلا فإن عرقلة أي مفاوضات واتخاذ مواقف متشددة سيهدد وجود حماس وبقائها في المشهد السياسي الفلسطيني، حيث لن تتردد إسرائيل في اغتيال المزيد من قادتها السياسيين".

وبحسب عواد فإن حماس لن تختار رئيسا جديدا لها على الفور لأن التواصل بين مكوناتها أصبح صعبا، وربما لن تكشف حماس عن هوية زعيمها الجديد، أو ربما تختار مجموعة من القادة بدلا من شخص واحد.

وحول ما إذا كان مقتل السنوار سيؤدي إلى إنهاء الحرب ، قال عواد: "هذا القرار بيد إسرائيل وحدها لأنها هي التي ترفض الخروج من غزة، ولكن أعتقد أن هناك فرصة لإنهاء الحرب بعد مقتل السنوار".