تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
Analysis

هل تستطيع السعودية تحمل تكاليف المشاريع العملاقة مع انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 75 دولارا للبرميل؟

وقد تواجه الرياض قريبا عجزا في الحساب الجاري مع انخفاض عائدات النفط وسط التزامات إنفاق ضخمة نحو مشاريع طموحة ضمن رؤية 2030. كما أرجأت منظمة أوبك بقيادة السعودية خطة لزيادة الإنتاج للسماح بمزيد من الوقت للوصول إلى أسعار النفط المرغوبة.

Employees of Aramco oil company work in Saudi Arabia's Abqaiq oil processing plant on September 20, 2019.
موظفون من شركة أرامكو النفطية يعملون في معمل معالجة النفط في بقيق بالسعودية في 20 سبتمبر 2019. — فايز نور الدين/وكالة الصحافة الفرنسية عبر صور جيتي
دبي/واشنطن ــ من المتوقع أن تواجه المملكة العربية السعودية تحديات جديدة في تمويل مشاريعها العملاقة مع بقاء أسعار النفط أقل من المستويات المطلوبة لتلبية التزامات الإنفاق، وخاصة تلك التي تتوافق مع سياسة رؤيتها 2030.
قال صندوق النقد الدولي في مراجعته للمادة الرابعة يوم الأربعاء إن المملكة العربية السعودية من المقرر أن تشهد عجزا في الحساب الجاري على مدى السنوات الخمس المقبلة، مع استمرار انخفاض أسعار النفط في التأثير على اقتصاد البلاد.
وقال صندوق النقد الدولي في مراجعته إن فائض الحساب الجاري للرياض "انخفض بشكل كبير إلى 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023" بسبب انخفاض صادرات النفط وزيادة الواردات المرتبطة بالاستثمار.
هبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 14 شهرا، الأربعاء، مما دفع أوبك+، المجموعة التي تقودها الرياض مع موسكو، إلى مواصلة إبقاء قيود الإنتاج الحالية سارية لمدة شهرين آخرين.
وفي يونيو/حزيران اقترحت المجموعة تخفيف بعض التخفيضات اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول فصاعدا. ولكن الخطة تأجلت الآن في ظل معاناة المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، من انخفاض أسعار النفط بشكل مستمر، والتي أصبحت أقل من المستوى الذي تحتاجه الرياض لموازنة دفاترها والوفاء بالتزاماتها بالإنفاق بمليارات الدولارات.
سعر التعادل للنفط
وبحسب صندوق النقد الدولي، ستحتاج المملكة العربية السعودية إلى سعر 82.5 دولار للبرميل من النفط في عام 2024 لتحقيق التوازن في ميزانيتها. ويستند هذا الرقم إلى افتراض إنتاج تسعة ملايين برميل يوميا من النفط في عام 2024. واستقر خام برنت القياسي، الذي يستخدم لتسعير وبيع ثلثي النفط الخام المنقول بحرا في العالم، عند 71.28 دولار للبرميل يوم الجمعة. ومن المتوقع على نطاق واسع أن تعكس المملكة العربية السعودية تخفيضات إنتاجها وتعزز الإنتاج إلى حوالي 9.7 مليون برميل يوميا في عام 2025، ومن المرجح أن تشهد سعر التعادل للنفط أقل عند 77.8 دولار للبرميل.
وتقدر شركة كابيتال إيكونوميكس، ومقرها لندن، أن سعر التعادل النفطي في المملكة العربية السعودية يتراوح حاليا حول 75-80 دولارا للبرميل، وهو "زيادة كبيرة" مقارنة بما كان عليه قبل بضع سنوات، وفقا لخبير الاقتصاد في شؤون الشرق الأوسط جيمس سوانستون.
وتتوقع مجموعة الأبحاث الاقتصادية أن ينخفض سعر التعادل للنفط إلى أقل من 70 دولاراً للبرميل في 2025-2026.

انخفاض عائدات النفط
وانخفضت أيضًا عائدات النفط السعودية مع استمرار تأثير التخفيضات المستمرة، بما في ذلك مليون برميل يوميًا من القيود الطوعية التي تفرضها الرياض، على الإنتاج.
ومن المتوقع أن تنخفض إيرادات النفط السعودية بنحو 3% إلى 733 مليار ريال سعودي (195 مليار دولار) في عام 2024 من 755 مليار ريال في عام 2023، بحسب صندوق النقد الدولي. ومن غير المتوقع أن يتغير إجمالي الإيرادات كثيراً مع ارتفاع حصة الصادرات غير النفطية. وحققت السعودية إيرادات بلغت 1212 مليار ريال في عام 2023، ومن المتوقع أن يظل إجمالي الإيرادات عند نفس المستوى تقريباً عند نحو 1214 مليار ريال هذا العام.
ومن المتوقع أن يرتفع إنفاق الدولة بنسبة 4% من 1293 مليار ريال في عام 2023 إلى 1351 مليار ريال في عام 2024. ويتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاعًا مطردًا في الإنفاق حتى عام 2029 مع تسريع المملكة للمشاريع بالقرب من الموعد النهائي لرؤية 2030.
وقال سوانستون إن السعودية ترغب في الدفاع عن الأسعار عند مستوى 80-85 دولارا للبرميل. وأضاف: "على سبيل المثال، استندت ميزانية 2024 إلى سعر نفط يبلغ 86 دولارا للبرميل".

معضلة التمويل
وتشكل القدرة على مواصلة الإنفاق على تسريع المشاريع المخصصة للتحول في مجالات السياحة والصناعة والطاقة قبل نهاية هذا العقد، وكذلك قبل الموعد النهائي لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري في البلاد في عام 2060، مصدر قلق كبير بالنسبة للمملكة.
وقال تيم كالين الرئيس السابق لبعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية والزميل الزائر في معهد دول الخليج العربية في واشنطن "السؤال الأكبر هو ما إذا كان من الممكن تمويل هذه المشاريع على المدى الأطول، وخاصة إذا ظلت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية بدلا من العودة إلى نطاق 80-85 دولارا للبرميل".
وأضاف أن "انخفاض عائدات النفط سيجعل التمويل بالتأكيد أكثر صعوبة".
ومن بين المشاريع الكبرى التي تسعى السعودية إلى تمويلها مدينة نيوم المستدامة بقيمة 500 مليار دولار، ومشروع الإسكان روشن بقيمة 90 مليار دولار، ومشروع تطوير بوابة الدرعية الثقافي بقيمة 20 مليار دولار، ومشروع البحر الأحمر السياحي الفاخر بقيمة 16 مليار دولار، و8 مليارات دولار لإنفاقها على مركز السياحة القدية. وكل هذه المشاريع لها موعد نهائي بين عامي 2027 و2035.

تغيير حجم الطموح

ومنذ بداية العام، أعادت الرياض حجم بعض مشاريعها القائمة. وتراجعت شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة عن خطة لإضافة مليون برميل يوميًا من طاقة إنتاج النفط بحلول عام 2027. ولم يعد المشروع الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات منطقيًا في ظل سياسة تقييد إنتاج النفط المستمرة في المملكة العربية السعودية وتنويع الاقتصاد إلى مشاريع أكثر خضرة. وقالت الحكومة أيضًا إنها ستقلص حجم مشروع ذا لاين في نيوم، والذي من المقرر الآن أن يستوعب 300 ألف شخص مقارنة بالخطط السابقة التي كانت تستوعب 1.5 مليون شخص.

وقال سوانستون "إن الحكومة المركزية نفسها قد لا تكون قادرة على تحمل الالتزامات التي تعهدت بها من قبل للاستثمار".
وأضاف أن "وزارة المالية اقترحت في السابق خفض الإنفاق الرأسمالي".
كما كثفت المملكة العربية السعودية جهودها لجذب المستثمرين الأجانب في الأسابيع الأخيرة، حيث قامت بتحديث قانون الاستثمار لتوفير منصة متساوية للمستثمرين المحليين والدوليين في اقتصادها.

Related Topics