الخرطوم – بعد المواجهة المباشرة وتصاعد حدّة التوتّر والخلاف الّلذين سيطرا على جولة المفاوضات السياسيّة بين وزراء الخارجيّة والمياه في مصر وإثيوبيا والسودان حول سدّ النهضة في 27 كانون الأوّل/ديسمبر، اضطرّ الوزراء بعد ثلاثة أيّام من الإجتماعات المكثفّة في الخرطوم، إلى الإعلان عن توقيع وثيقة تعبّر عن استمرار التّعاون وبناء الثقة في محاولة لاحتواء تصاعد التعبئة والضغط الشعبيّ في مصر وإثيوبيا، ولكن من دون إيجاد حلّ حقيقيّ يضمن عدم الإضرار بمصالح الدولتين في مياه النيل. واستؤنفت المفاوضات في الخرطوم بعد أسبوعين فقط من الجولة الأولى المنعقدة في الأسبوع الأوّل من كانون الأوّل/ديسمبر بتوجّس مصريّ، خصوصاً بعد أن أعلنت إثيوبيا إعادة مجرى النهر لتمرّ المياه للمرّة الأولى داخل جسم سدّ النهضة في 26 كانون الأوّل/ديسمبر، قبيل ساعات من بدء المفاوضات، في إشارة إلى تأكيد رفض أيّ مطالب بوقف عمليّات البناء في السدّ حتّى انتهاء المفاوضات. ورغم وضع مسألة ملء خزّان السدّ وآليّات التّشغيل على رأس أجندة المفاوضات، إلاّ أنّ تباعد الرؤى وتمسّك مصر وإثيوبيا بمواقفهما تسبّب في عدم التّوصل إلى أيّ إتّفاق، حيث رفض الوفد المصريّ في الإجتماعات المطلب الإثيوبيّ بتخزين 3 مليار متر مكعّب من المياه خلف جسم السدّ من أجل اختبارات السلامة الإنشائيّة، مطالباً بعدم تخزين أيّ كميّات من المياه وتنفيذ التعهّدات الإثيوبيّة في هذا الشأن، المدرجة في البند الخامس من وثيقة إعلان المبادئ الّتي تنصّ على عدم ملء خزّان السدّ، إلاّ بعد الانتهاء من الدراسات الفنيّة، بينما رفضت إثيوبيا مطلب مصر مدّ فترة التّخزين إلى 11 سنة أو تقليل السعة التخزينيّة للسدّ إلى 50 مليار متر مكعّب.
وحسمت الإجتماعات في الساعات الأولى الموقف المتعثّر منذ 18 شهراً، للبدء في الدراسات الفنيّة لتأثيرات السدّ، بعد انسحاب المكتب الاستشاريّ الهولنديّ. وتمّ التّوافق على اختيار المكتب الإستشاريّ الفرنسيّ أرتيليا لتنفيذ نسبة 30 في المئة من الدراسات مع المكتب الفرنسيّ "بي أر إل" على أن يتمّ البدء الرسميّ في الدراسات مع بداية شباط/فبراير المقبل.