تجتاح حمى اقتناء الأسلحة الفرديّة والتدرّب على استخدامها اللبنانيّين، خصوصاً بعد المعركة التي خاضها المسلّحون الأصوليّون السنّة في منطقة عرسال شمال شرق لبنان، ضدّ الجيش اللبناني في 2 آب/أغسطس الماضي. انتشرت حالة من الذعر في مختلف المناطق المحاذية لرقعة الاشتباكات، وسكنت حالة أكبر من الهلع والرعب كلّ الجغرافيا اللبنانيّة التي ينتشر فيها أكثر من مليون نازح سوريّ، بعدما أعلنت وسائل الإعلام والمصادر العسكريّة الرسميّة أنّ عدداً كبيراً من المسلّحين الذين قاتلوا الجيش خرجوا من مخيّمات النازحين.
ليست أصلاً فكرة اقتناء سلاح حربيّ فرديّ غريبة عن اللبنانيّين. ويبدو أنّ بندقيّة حربيّة واحدة على الأقلّ موجودة في كلّ بيت لبنانيّ. قاعدة مرتبطة بذاكرة الحروب الأهليّة الدائمة، وضعف مفهوم الدولة في أذهان اللبنانيّين قبل تجلّي هشاشتها على أرض الواقع. وبالتالي، ما استجدّ بعد معركة عرسال لا يتعلّق بحيازة السلاح وحسب، بل ذهب خطوة أبعد إلى الأمام: إنّها ظاهرة ما يعرف في لبنان منذ عقود بإسم "الأمن الذاتيّ"، كعبارة مهذّبة لمفهوم الميليشيات الأهليّة الخاصّة كوسيلة رديفة للدفاع عن الذات.