بات واضحاً أن معالجة سريعة وحاسمة أصبحت مطلوبة وضروريّة للبؤر الأمنيّة المتفجّرة في البقاع والشمال اللبنانيَّين، خصوصاً بعد سقوط بلدة يبرود السوريّة في أيدي الجيش السوري النظامي. ذلك أن هذا الحدث العسكري القريب من الحدود الشرقيّة للبنان مع سوريا، انعكس سريعاً تصعيداً أمنياً في الداخل اللبناني، تمثّل في أربع نتائج على أقلّ تقدير. أولاً، إطلاق المزيد من الصواريخ من الأراضي السوريّة على بعض البلدات اللبنانيّة المتاخمة للحدود. ثانياً، تفجيرُ انتحاريٍ لسيّارة مفخّخة في منطقة بعلبك البقاعيّة مساء الأحد في 16 آذار/مارس الجاري ورصد القوى الأمنيّة اللبنانيّة لعدد آخر من السيارات المفخّخة التي تسللت إلى لبنان، ما أدّى إلى ضبط إحداها في اليوم التالي وتفجيرها من قبل الجيش في منطقة قريبة من بعلبك أيضاً. ثالثاً، الكلام عن لجوء عدد كبير من المسلحين الفارين من معركة يبرود إلى منطقة عرسال اللبنانيّة المقابلة. فقد أصبح هؤلاء بين كمّاشة النظام السوريّة شرقاً والمناطق الشيعيّة المناوئة لهم جنوب عرسال وشمالها، فضلاً عن الجيش اللبناني المنتشر في المنطقة. ورابعاً، انفجار الوضع الأمني في مدينة طرابلس في الشمال اللبناني بين الأحياء السنيّة في المدينة والحيّ العلوي المحاصر فيها. وذلك في ما بدا وكأنه رد فعل ثأري من معارضي [الرئيس السوري] بشار الأسد في لبنان على سقوط يبرود في سوريا، ما أدّى إلى سقوط نحو عشر ضحايا وأكثر من مئة جريح من اللبنانيّين حتى الآن...
هذا المشهد الأمني المتدهور يدفع الحكومة اللبنانيّة الجديدة إلى اتخاذ خطوات سريعة للمعالجة. غير أن الموضوع يظلّ مرتبطاً بتأمين عدد من الشروط اللازمة لذلك، منها ضمان الغطاء السياسي لأي عمليّة عسكريّة أكان في عرسال أو في طرابلس ومن ثم توفير القوة الضروريّة. وأخيراً التوقيت الأفضل للتنفيذ. وقد أوضح مسؤولون سياسيّون لبنانيّون لـ"المونيتور" أن اتصالات بدأت بعيداً عن الإعلام، لتوفير الغطاء السياسي اللازم. والمقصود عملياً بذلك، صدور مواقف من مختلف الأطراف الطائفيّة والمذهبيّة وتحديداً السنيّة والشيعيّة والمسيحيّة، التي تدعو إلى معالجة تلك الأوضاع الأمنيّة الشاذة وتطلب من الدولة اللبنانيّة القيام بواجبها في هذا المجال. وهو ما يعطي "غطاءً وطنياً" للقيام بأي خطوة، ويجنّبها الاتهامات بالوقوف إلى جانب طرف ضد آخر. وكشف السياسيّون أنفسهم لـ"المونيتور" أن اتصالات بدأت فعلياً بين الزعيم المسيحي الجنرال ميشال عون والزعيم السنّي الأقوى رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، للتباحث حول هذه المسألة، بحيث يتمّ الاتفاق على صدور مواقف متطابقة ومتزامنة تدعو السلطات اللبنانيّة الرسميّة إلى حسم الأمور على الأرض خصوصاً في مناطق الشمال والبقاع.