مفارقة قد لا تكون غريبة عن منطقة الشرق الأوسط ومنطق الصراع فيها، أن تؤدّي خطوة بعينها إلى استهدافات متناقضة. ففي 24 شباط/فبراير الماضي أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على نقطة حدوديّة بين لبنان وسوريا. غارة خلّفت ردود فعل متطابقة من الإرباك والإحراج لدى سلطات دمشق، كما لدى معارضيها. ولدى حلفاء تلك السلطات في بيروت، كما لدى أعدائها! مع فارق أن الإحراجَين السوريَّين اتّصفا بالصمت الكامل. أما الإحراجان اللبنانيان فقد تحوّلا سلسلة لم تنتهِ من السجالات، قد تطيح بالحكومة الهشّة التي ولدت في بيروت قبل الغارة بتسعة أيام.
من الناحية السوريّة أولاً، يبدو الإحراج لدى طرفَي الصراع هناك مفهوماً. فالسلطات السوريّة الرسميّة باتت منذ أعوام مربكة حيال تلك التصرفات العدوانيّة التي تنفّذها إسرائيل، لجهة عجز دمشق عن الردّ عليها. يكفي تعداد الغارات الإسرائيليّة الأخيرة على الأراضي السوريّة وفي خلال تلك الحرب الداخليّة، لتأكيد ذلك: