فجأة وبسحر ساحرعلت المصلحة الوطنية الجامعة على المصالح الفئوية. إجتمع الأفرقاء اللبنانيون المتخاصمون في حكومة واحدة. قاموا بالتنازلات المتبادلة، نسوا أو تناسوا خلافات الماضي. تخلوا عن شعارات أضحت لفترة طويلة مقدسات لا تقبل شك أو الجدل. قبلوا بأعداء الأمس كشركاء في الحكم بعد ما ناصبوهم العداء والشتائم وحملات التخوين. والسؤال الصاقع ؟ ما الذي حصل حتى إستدعى هذا التبدل في المواقف؟ ولماذا ،ما كان ممنوعاً، ملعوناً أصبح اليوم مسموحاً حلالاً؟ ورب عاقل يتساءل هل ما كان لهذه النعمة الإلهية أن تحل قبل شهور فيوفر على البلاد والعباد ما نتج عن حالة الشلل الحكومي من تراجع إقتصادي ، وفرص ضائعة سُلبت من مستقبل اللبنايين إلى أي طائفة إنتموا.
ولدت اخيراً حكومة في لبنان بعد فترة بعد مخاض إستمر أكثر من عشرة أشهر . ولدت حكومة "المصلحة الوطنية" وان كان من علامة بارزة للحظة ما بعد التشكيل هو كم المعترضين عليها من الجهتين المتخاصمتين. الجمهور المعترض لدى 14 أذار يأخذ على قيادته التسليم بمبادىء أساسية للحركة وأولها القبول الضمني بمشاركة حزب الله في الحرب السورية. أما جمهور حزب الله فأغضبه وصول صقور 14 أذار إلى مواقع عالية الرمزية في منظومة الدولة مثل وزارة الداخلية أو وزارة العدل وهو لم يعي أصلاً أسباب تراجع فريقه السياسي ورضوخه إلى تسوية مفاجئة مع أعدائه بعد ما تمت تعبئته على أن هؤلاء هم من أوى الإرهاب المتنقل في بيئتهم وسلبهم الأمان والإستقرار.