يدور في لبنان اليوم صراع سياسي حاد وسجال عنيف حول ضرورة وضع قانون جديد للانتخابات النيابية، المفترض أن تُجرى في كل البلاد في يوم واحد، في الأسبوع الأول من حزيران المقبل. ويتواجه في هذا الصراع فريقا الأكثرية الحكومية الحالية ومعارضوها. غير أن حقيقة الأزمة وجذورها تتخطى مسألة القانون والانتخابات وحتى حسابات الطرفين. إنها في العمق أزمة نظام في داخله، كما في علاقته مع الخارج، من الخارج الأقرب المتمثل في وضع دمشق المجاورة، إلى الخارج الأفعل المتمثل في واشنطن الحاضرة.
ففي الشكل، تبدو المعركة حول القانون الجديد المفترض للانتخابات النيابية جدية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ هذا البلد الذي أنشئ في ظل الانتداب الفرنسي سنة 1920، واستقل عن سلطة باريس سنة 1943. لكن المفارقة اللافتة في حياته السياسية والانتخابية، أن لبنان لم يشهد على مدى ستين عاماً من تاريخه الاستقلالي، أي تداول للسلطة، نتيجة انتخابات نيابية عامة. بمعنى أنه لم يعرف فعلياً أي تناوب ديمقراطي على حكمه عبر صناديق الاقتراع. ومع ذلك، أو بسبب ذلك، قيل عن لبنان دوماً أنه "الديمقراطية الخاصة" الوحيدة في المنطقة العربية.